سورة الفرقان - تفسير تيسير التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الفرقان)


        


لا يرجون: لا يخافون ولا يتوقعون. واستكبروا في أنفسِهم: تكبروا، تمكن الكبر من نفوسهم. وعتَوا عتواً كبيرا: تمردوا، وتجاوزا حد كبيرا في الظلم. لا بشرى لهم: سوف يكون ذلك اليوم مصدر ازعاج لهم لا بشارة فيه. حِجراً محجورا: تعبير تقوله العرب عندما ينزل بهم مكروه، ومعناه نسأل الله ان يمنع ذلك منعا، ويحجره حجرا. وقدمنا إلى ما عملوا: ونأتي إلى ما عملوه. هباء منثورا: غبارا متفرقا لا قيمة له. خيرٌ مستقرا: افضل مكان يُستقر فيه. وأحسن مقيلا: وأحسن مكان للراحة والقيلولة.
وقال الذين ينكرون البعث، ولا يتوقّعون لقاءنا: لماذ لا تُنَزَّلُ علينا الملائكةُ فيخبرونا بأن محمداً صادقٌ فيما يدّعي؟ ولماذا لا نرى الله فيخبرنا بأنه أرسلك؟ لقد استكبروا ووضعوا أنفسَهم في مكانٍ لا يستحقونه، وتجاوزوا الحد في الظلم والطغيان.
ثم بين الله انهم سيَلْقَون الملائكة يوم القيامة، ولكن ذلك اليوم لن يسرَّهم ولن يكون لهم فيه بشارة، وسوف يقولون لهم: لا بشرى لكم اليوم. ويومئذٍ يقولون: {حِجْراً مَّحْجُوراً} حراماً محرَّماً، وهي جملة تقال اتقاءً للشر والأعداء، وذلك لا يعصمهم من العذاب.
{وَقَدِمْنَآ إلى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً}
ويوم القيامة نأتي إلى ما عملوه من الخير فنحرِمُهم ثوابه ونجعلُه كالغبار المتطاير في الهواء، لا قيمةَ له ولا وزن.
{أَصْحَابُ الجنة يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً}
وفي المقابل ستكون منازلُ أهل الجنة في ذلك اليوم خيراً من منازل المشركين، فهي أحسن الأماكن للاستقرار الدائم، وأعظمها راحةً وسعادة.
{وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السمآء بالغمام وَنُزِّلَ الملائكة تَنزِيلاً....}
في ذلك اليوم يختلف كل نظام هذا العالم الذي نراه، فتنفرج السماءُ ويُحشر الناس جيمعا. وعند ذلك تنزل الملائكةُ، ويكون المُلك لله وحده، ويكون اليوم شديدا عسيراً على الجاحدين. يومئذ يتحقق الظالمون انهم كانوا على الباطل، فيعَضُّ الظالمُ منهم على يديه من الندم ويقول متمنيا: يا ليتني اتبعتُ الرسُل وآمنت بهم.
ثم ان ذلك الظالم يتحسّر ويأسف ويقول: يا ليتني لم أصادقْ ذلك الصاحبَ الذي أضلَّنين وأبعدني عن الخير، وعن ذكر الله بعد أن يسَّره الله لي. لقد خذلني الشيطان. ولكن هذا كله لن ينجيه من العذاب.


جملة واحدة: دفعة واحدة. لنثّبت به فؤادك: لنقوّي به قلبك. ورتّلناه ترتيلا: نزلناه على مهل، بعضُه إثر بعض. بمثل: بنوع من الكلام. تفسيرا: ايضاحا. يُحشرون على وجوههم: يسحبون عليها. وزيرا: معينا له برأيه. فدمّرناهم تدميرا: أهلكناهم ومحقناهم محقا. الرسّ: الفساد، والبئر المطوّية بالحجارة. أصحاب الرس: طائفة من ثمود. وقرونا: جماعات. تبّرنا تتبيرا: أهلكناهم. القرية التي أُمطرت مطر السوء: هي سَدَوم، قرية قوم لوط. لا يرجون: لا يتوقعون. نشورا: بعثنا للحساب والجزاء.
هنا يقول الرسول شاكيا إلى الله ان قومه هجروا القرآن ولم يلتفتوا إلى ما فيه من هداية.
فأجابه الله تعالى يسلّيه بأن هذا ليس دأب قومك فحسب، بل إن كثيراً من الأمم قد فعلوا مع رسُلهم مثل، فلا تجزع يا محمد واصبر كما صبروا، وسينصرك الله عليهم، وكفى بالله هادياً لك وناصراً لدينك.
وقال الكافرون: لو كان القرآن من عند الله حقاً لأنزله جملةً واحدة. فردّ الله عليهم مقالتهم، وبيّن لهم فوائدَ إنزاله منجَّماً، ومنها تثبيتُ قلب النبي صلى الله عليه وسلم بتيسير الحفظ، وفهم المعنى، وضبط الألفاظ. ثم وعده بأنهم كلما جاؤوا شبُبهةٍ أبطلَها بالجواب الحق، والقول الفصل الذي يكشِف وجه الصواب، {وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً} وفرّقناه آية آية: على مهل وتؤدة.
ثم بين الله حال المشركين الذين يحشَرون يوم القيامة وهم في غاية الذل ويُسحبون على وجوههم إلى جهنم في أسوأ حال، واضيق مكان.
ثم اردف بعد ذلك بقصص بعض الأنبياء مع أممهم الذين كذّبوا فحلّ بهم النَّكالُ والوبال ليكون في ذلك عبرة للمكذبين. فذكر خمس قصص: قصة موسى مع فرعون وقومه، وقصة نوح وقومه، وقصة هود مع قومه عاد، وقصة صالح مع قومه ثمود، وصاحاب الرسّ. وأوردَ كيف اهلكهم جميعاً كما أهلكَ بين ذلك أمماً كثيرة.
{وَكُلاًّ ضَرَبْنَا لَهُ الأمثال وَكُلاًّ تَبَّرْنَا تَتْبِيراً}.
لقد أنذرْنا هؤلاء كلهم وذكرنا لهم العظاتِ والأمثال، لكنّهم لم يتعظوا، فأخذناهم بالعذاب ودمّرناهم تدميرا.
وهؤلاء قريشُ، يمرّون في أسفارهم إلى الشام على قرية قوم لوطٍ التي أمطرنا عليها شرَّ مطر وأسوأه، أفلم يروْها فيتّعظون بما حل بأهلها؟
{بَلْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ نُشُوراً}
إنهم لم يتعظوا بها لأنهم لا يؤمنون بالبعث والجزاء ولا يتوقعون أنهم سيُنْشَرون من قبورهم يوم القيامة.


اتخذ إلهه هواه: اتبع هواه وشهواته. وكيلا: مؤكَّلا به.
واذا رآك المشركون يقولون مستهزئين: أهذا الذي بعثه الله إلينا رسولاً نتبعه ونسير وراءه!؟ ها هو بحُسنِ بيانه وفصاحته يكاد يزحزحنا عن آلهتنا لولا صبرُنا وتمسّكنا بها.
سيعلم هؤلاء حين ينزل بهم العذابُ من هو الضالّ ومن هو المهتدي.
انظر يا محمد في حال الذي اتّبع شهواتِه حتى جعلها إلها له، انك لا تستطيع ان تدعوه إلى الهدى، ولا أن تكون عليه حفيظاً ووكيلا.
وهل تظنّ أن اكثرهم يسمعون حقّ السماع ما تتلو عليهم أو يعقِلون ما تتضمنه المواعظ التي تلقيها عليهم! إنهم كالبهائم، لا همّ لهم إلا الأكل والشرب ومتاع الحياة الدنيا، بل هم شرٌّ من البهائم وأضلُّ سبيلا.

1 | 2 | 3